الرد على الأخطاء اللغوية
المزعومة حول القرآن
الكريم
----------------------------------------------------------------
المزعومة حول القرآن
الكريم
----------------------------------------------------------------
---------------------
1 - رفع المعطوف على
المنصوب
س : جاء في سورة المائدة 5: 69 (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا
وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ
الآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ). وكان يجب أن ينصب المعطوف على اسم إن فيقول
والصابئين كما فعل هذا في سورة البقرة 2: 62 والحج 22: 17.
الجواب : لو كان
في الجملة اسم موصول واحد لحق لك أن تنكر ذلك ، لكن لا يلزم للاسم الموصول الثاني
أن يكون تابعا لإنَّ. فالواو هنا استئنافية من باب إضافة الجُملة للجملة ، وليست
عطفا على الجملة الأولى.
لذلك رُفِعَ ( والصابئون ) للإستئناف ( اسم مبتدأ
) وخبره محذوف تقديره والصابئون كذلك أى فى حكمهم. والفائدة من عدم عطفهم على مَن
قبلهم هو أن الصابئين أشد الفرق المذكورين فى هذه الآية ضلالاً ، فكأنه قيل: كل
هؤلاء الفرق إن آمنوا وعملوا الصالحات قَبِلَ اللهُ تَوْبتهم وأزال ذنبهم ، حتى
الصابئون فإنهم إن آمنوا كانوا أيضاً كذلك.
و هذا التعبير ليس غريبا في
اللغة العربية، بل هو مستعمل فيها كقول بشر بن أبي خازم الأسدي الذي قال
:
إذا جزت نواصي آل بدر فأدوها وأسرى في الوثاق *** وإلا فاعلموا أنــا
وأنـتم بغـاة ، ما بقـينا في شـقاق
والشاهد في البيت الثاني ، حيث ( أن )
حرف مشبه بالفعل، ( نا ) اسمها في محل نصب، و( أنتم ) الواو عاطفة وأنتم ضمير منفصل
في محل رفع مبتدأ، وبغاة خبر أن ( أو أنتم ) مرفوع، والخبر الثاني محذوف، وكان يمكن
أن يقول فاعلموا أنا بغاة وأنتم بغاة، لكنه عطف مع التقديم وحذف الخبر ، تنبيها على
أن المخاطبين أكثر اتصافا بالبغي من قومه هو ، فقدم ذكرهم قبل إتمام الخبر لئلا
يدخل قومه في البغي ــ وهم الأقل فيه ــ قبل الآخرين
ونظيره أيضا الشاهد
المشهور لضابئ بن الحارث البرجمي :
فمن يك أمسى في المدينة رحله *** فإني
وقـيار بها لغريب
وقيار هو جمله ، معطوف على اسم إن منصوب بها
أراد
ان يقول : إني بها لغريب ، وقيار كذلك غريب
ومثله أيضا قول قيس بن الخطيم:
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راضِ والرأي مختلف
وقيل فيه أيضاً: إنَّ لفظ
إنَّ ينصب المبتدأ لفظا ويبقى مرفوعا محلا، فيصح لغة أن تكون ( والصابئون ) معطوفة
على محل اسم إن سواء كان ذلك قبل مجيء الخبر أو بعده ، أو هي معطوفة على المضمر في
( هادوا ).
2 - نصب
الفاعل
س : جاء في سورة البقرة 2: 124 (وَإِذِ ابْتَلَى
إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ
إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ). وكان
يجب أن يرفع الفاعل فيقول الظالمون .
الجواب : ينال فعل متعدى بمعنى (يشمل
أو يَعُم) كما فى الآية أى لا يشمل عهدى الظالمين، فعهدى هنا فاعل، والظالمين مفعول
به.
مثال لذلك لقد ناله ظلماً، وأسفنا لما ناله من إهانة.
والإمامة
والعهد بالإمامة هنا معناه النبوة، وبذلك تكون جواباً من الله على طلب نبينا
إبراهيم أن يجعل النبوة فى ذريته فوافقه الله إلا أنه استثنى الظالمين، كما لو أنه
أراد قول (إلا الظالمين من ذريتك).
وتجىء أيضاً بمعنى حصل على مثل: نال
الظالم جزاءه.
ومن مصادر اللغة , المعجمات القديمة التي جمعها (لسان العرب)
وها هو يقول: والعرب تقول: "نالني من فلان معروف ينالني أي وصل إلي منه معروف" لسان
العرب 11/685
3- جعل الضمير العائد على
المفرد جمعاً
س : جاء في سورة البقرة 2: 17 (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ
الذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ
بِنُورِهِمْ) . وكان يجب أن يجعل الضمير العائد على المفرد مفرداً فيقول ذهب الله
بنوره .
الجواب : فهو هنا لم يشبه الجماعة بالواحد وإنما شبهت قصتهم بقصة
المستوقد. ومثال ذلك قوله: (مثل الذين حُمِّلوا التوراة ثمَّ لم يحملوها كمثل
الحمار يحمل أسفارا) [الجمعة 5]. فلما أضاءت ما حوله أضاءت أيضاً للآخرين ، فكان
عقاب الله أنها ذهبت بأبصارهم جميعاً، لاحظ أن الله يضرب المثل بقوم استوقد أحدهم
ناراً فلمَّا أضاءت ما حول فاعل هذه النار أضاءت أيضاً حول ذهب الله بأبصار هذا
القوم.
ونلاحظ أنه قال (ذهب) وهى أبلغ من أذهب لأن ذهب بالشىء اسطحبه ومضى
به معه، فكأنما أراد الله أن يذكرهم أنه يرون بنور الله وفى معيته، وحيث أنهم
اختاروا طريق الظلمة فقد أخذ الله نوره وتركهم فى ظلمات أنفسهم التى اختاروا البقاء
فيها.
4 - تذكير خبر الاسم
المؤنث
س : جاء في سورة الأعراف 7: 56 (وَلاَ تُفْسِدُوا فِي
الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ
قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِين).
وكان يجب أن يتبع خبر إن اسمها في التأنيث فيقول
قريبة .
الجواب : إن كلمة قريب على وزن فعيل، وصيغة فعيل يستوى فيها المذكر
والمؤنث.
5 - تأنيث العدد وجمع
المعدود
س : جاء في سورة الأعراف 7: 160 (وَقَطَّعْنَاهُمْ
اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً) . وكان يجب أن يذكر العدد ويأتي بمفرد
المعدود فيقول اثني عشر سبطاً .
الجواب : لأن تمييز (اثنتي عشرة) ليس هو
(أسباطا) [لأن تمييز الأعداد من 11 إلى 99 مفرد منصوب] بل هو مفهوم من قوله تعالى
(و قطعناهم)، والمعنى اثنتي عشرة قطعة أي فرقة، وهذا التركيب في الذروة العليا من
البلاغة، حيث حذف التمييز لدلالة قوله (وقطعناهم) عليه ، وذكر وصفا ملازما لفرق بني
إسرائيل وهم الأسباط بدلا من التمييز. وعند القرطبي أنه لما جاء بعد السبط (أمما)
ذهب التأنيث إلى الأمم ، وكلمة (أسباطا) بدل من (اثنتي عشرة)، وكلمة (أمما) نعت
للأسباط. وأسباط يعقوب من تناسلوا من أبنائه ، ولو جعل الأسباط تمييزه فقال: اثني
عشر سبطا، لكان الكلام ناقصا لا يصح في كتاب بليغ؟ لأن السبط يصدق على الواحد،
فيكون أسباط يعقوب اثني عشر رجلا فقط، ولهذا جمع الأسباط و قال بعدها (أمما) لأن
الأمة هي الجماعة الكثيرة، وقد كانت كل فرقة من أسباط يعقوب جماعة كبيرة. [واثنتى
هنا مفعول به ثانى ، والمفعول به الأول (هم)].
6 - جمع الضمير العائد على المثنى
س :جاء في سورة
الحج 22: 19(هذانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ). وكان يجب أن يثنّي الضمير
العائد على المثنّى فيقول خصمان اختصما في ربهما.
الجواب : الجملة في الآية
مستأنفة مسوقة لسرد قصة المتبارزين يوم بدر وهم حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث وعتبة
وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة. التقدير هؤلاء القوم صاروا في خصومتهم على
نوعين. وينضوي تحت كل نوع جماعة كبيرة من البشر. نوع موحدون يسجدون لله وقسم آخر حق
عليه العذاب كما نصت عليه الآية التي قبلها.
7 - أتى باسم الموصول العائد على الجمع مفرداً
س : جاء
في سورة التوبة 9: 69 (وَخُضْتُمْ كَالذِي خَاضُوا). وكان يجب أن يجمع الاسم
الموصول العائد على ضمير الجمع فيقول خضتم كالذين خاضوا.
الجواب : المتعلق
(الجار والمجرور) محذوف تقديره كالحديث الذى خاضوا فيه. كأنه أراد أن يقول وخضتم فى
الحديث الذى خاضوا هم فيه.
8 - جزم الفعل
المعطوف على المنصوب
س : جاء في سورة المنافقون 63: 10
(وَأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ
فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ
مِنَ الصَّالِحِينَ) وكان يجب أن ينصب الفعل المعطوف على المنصوب فأَصدق وأَكون
.
الجواب : وفي النقطة الخامسة يقال : إن الكلمة (وأكن) تقرأ بالنصب والجزم
، أما النصب فظاهر لأنها معطوفة على (فأُصدق) المنصوب لفظا في جواب (لولا)، وأما
الجزم فلأن كلمة (فأصدق ) وإن كانت منصوبة لفظا لكنها مجزومة محلا بشرط مفهوم من
قوله (لولا أخرتني)،حيث إن قوله (فأصدق) مترتب على قوله (أخرتني)، فكأنه قال: إن
أخرتني أصدق وأكن. وقد وضع العلماء قاعدة فقالوا: إن العطف على المحل المجزوم
بالشرط المفهوم مما قبله جائز عند العرب ، ولو لم تكن الفاء لكانت كلمة أصدق
مجزومة، فجاز العطف على موضع الفاء.
[فالواو هنا من باب عطف الجملة على
الجملة وليست من باب عطف الفعل على الفعل ، وهو مجزوم فى باب الطلب (الأمر) لأن
الطلب كالشرط.]
دهم ناراً فلمَّا أضاءت ما حول فاعل هذه النار أضاءت أيضاً حول
ذهب الله بأبصار هذا القوم.
9 - جعل الضمير
العائد على المفرد جمعاً
س : جاء في سورة البقرة 2: 17
(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ
ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) . وكان يجب أن يجعل الضمير العائد على المفرد مفرداً
فيقول ذهب الله بنوره .
الجواب : فهو هنا لم يشبه الجماعة بالواحد وإنما
شبهت قصتهم بقصة المستوقد. ومثال ذلك قوله: (مثل الذين حُمِّلوا التوراة ثمَّ لم
يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا) [الجمعة 5]. فلما أضاءت ما حوله أضاءت أيضاً
للآخرين ، فكان عقاب الله أنها ذهبت بأبصارهم جميعاً، لاحظ أن الله يضرب المثل بقوم
استوقد أحدهم ناراً فلمَّا أضاءت ما حول فاعل هذه النار أضاءت أيضاً حول ذهب الله
بأبصار هذا القوم.
ونلاحظ أنه قال (ذهب) وهى أبلغ من أذهب لأن ذهب بالشىء
اصطحبه ومضى به معه، فكأنما أراد الله أن يذكرهم أنه يرون بنور الله وفى معيته،
وحيث أنهم اختاروا طريق الظلمة فقد أخذ الله نوره وتركهم فى ظلمات أنفسهم التى
اختاروا البقاء فيها.
10 - نصب المعطوف على
المرفوع
س : جاء في سورة النساء 4: 162 (لَكِنِ الرَّاسِخُونَ
فِي العِلْمِ مِنْهُمْ وَالمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا
أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَالمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً
عَظِيماً). وكان يجب أن يرفع المعطوف على المرفوع فيقول والمقيمون الصلاة
.
الجواب : (والمقيمين الصلاة) أي وأمدح المقيمين الصلاة، وفي هذا مزيد
العناية بهم، فالكلمة منصوبة على المدح.
[هذه جملة اعتراضية بمعنى (وأخص
وأمدح) وهى مفعول به لفعل محذوف تقديره (وأمدح) لمنزلة الصلاة ، فهى أول ما سيحاسب
عليه المرء يوم القيامة. وفيها جمال بلاغى حيث يلفت فيها آذان السامعين لأهمية ما
قيل.
أما (والمؤتون) بعدها على الرفع فهى معطوفة على الجملة التى
قبلها.]
11- نصب المضاف
إليه
س : جاء في سورة هود 11: 10 (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ
نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي
إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ). وكان يجب أن يجرَّ المضاف إليه فيقول بعد ضراءِ
.
الجواب : يعرف دارسى اللغة العربية أن علامات جر الاسم هى (الكسرة أو
الياء أو الفتحة فى الممنوع من الصرف): فيجر الاسم بالفتحة فى المفرد وجمع التكسير
إذا كانت مجردة من ال والإضافة وتُجَر الأسماء الممنوعة من الصرف بالفتحة حتى لو
كانت مضافة ، ولا يلحق آخرها تنوين.
وتسمى الكسرة علامة الجر الأصلية،
وتسمى الياء والفتحة علامتى الجر الفرعيتين.
ويمنع من الصرف إذا كان على
وزن صيغة منتهى الجموع أى على وزن (أفاعل – أفاعيل – فعائل – مفاعل – مفاعيل –
فواعل – فعاليل) مثل: أفاضل – أناشيد – رسائل – مدارس – مفاتيح – شوارع – عصافير.
والاسم المؤنث الذى ينتهى بألف التأنيث المقصورة (نحو: سلوى و نجوى) أو
بألف التأنيث الممدودة (نحو: حمراء – صحراء – أصدقاء) سواء أكان علماً أم صفة أم
اسماً ، وسواء أدلَّ على مفرد أم دلَّ على جمع.
لذلك فتح ضرَّاءَ لأنه اسم
معتل آخره ألف تأنيث ممدودة وهى ممنوعة من الصرف.
وما يُمنع من الصرف تكون
علامة جره الفتحة عوضا عن الكسرة ما لم يضف أو يعرف بـ(أل) التعريف
.
12- أتى بجمع كثرة حيث أريد
القلة
س : جاء في سورة البقرة 2: 80(لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ
إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً).وكان يجب أن يجمعها جمع قلة حيث أنهم أراد القلة
فيقول أياماً معدودات .
الجواب : ورد فى القرآن: (إلاَّ أياماً معدودات) [آل
عمران 24] و (فى أيَّامٍ معدودات) [البقرة 203] و (فى أيامٍ معلومات) [الحج
28].
إذا كان الاسم مذكراً فالأصل فى صفة جمعه التاء: رجال مؤمنة ، كيزان
مكسورة ، ثياب مقطوعة ؛ وإن كان مؤنثاً كان الأصل فى صفة جمعه الألف والتاء: نساء
مؤمنات ، جِرارٌ مكسورات.
إلا أنه قد يوجد نادراً الجمع بالألف والتاء مع
الاسم المذكر مثل: حمَّام حمَّامات.
فالله تعالى تكلم فى سورة البقرة بما
هو الأصل وهو قوله تعالى (أياماً معدودة) وفى آل عمران بما هو الفرع.
وعلى
ذلك يجوز فى جمع التكسير لغير العاقل أن ينعت بالمفرد المؤنث أو الجمع، فنقول: جبال
شامخة وجبال شامخات ، ورود حمراء وورود حمراوات. وفى رأى آخر أنها تعنى أياماً
قليلة مثل (دراهم معدودة). ولكن الأكثر أن (معدودة) في الكثرة ، و(معدودات) في
القلة (فهي ثلاثة أيام المبيت في منى) وهي قليلة العدد.
1 - رفع المعطوف على
المنصوب
س : جاء في سورة المائدة 5: 69 (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا
وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ
الآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ). وكان يجب أن ينصب المعطوف على اسم إن فيقول
والصابئين كما فعل هذا في سورة البقرة 2: 62 والحج 22: 17.
الجواب : لو كان
في الجملة اسم موصول واحد لحق لك أن تنكر ذلك ، لكن لا يلزم للاسم الموصول الثاني
أن يكون تابعا لإنَّ. فالواو هنا استئنافية من باب إضافة الجُملة للجملة ، وليست
عطفا على الجملة الأولى.
لذلك رُفِعَ ( والصابئون ) للإستئناف ( اسم مبتدأ
) وخبره محذوف تقديره والصابئون كذلك أى فى حكمهم. والفائدة من عدم عطفهم على مَن
قبلهم هو أن الصابئين أشد الفرق المذكورين فى هذه الآية ضلالاً ، فكأنه قيل: كل
هؤلاء الفرق إن آمنوا وعملوا الصالحات قَبِلَ اللهُ تَوْبتهم وأزال ذنبهم ، حتى
الصابئون فإنهم إن آمنوا كانوا أيضاً كذلك.
و هذا التعبير ليس غريبا في
اللغة العربية، بل هو مستعمل فيها كقول بشر بن أبي خازم الأسدي الذي قال
:
إذا جزت نواصي آل بدر فأدوها وأسرى في الوثاق *** وإلا فاعلموا أنــا
وأنـتم بغـاة ، ما بقـينا في شـقاق
والشاهد في البيت الثاني ، حيث ( أن )
حرف مشبه بالفعل، ( نا ) اسمها في محل نصب، و( أنتم ) الواو عاطفة وأنتم ضمير منفصل
في محل رفع مبتدأ، وبغاة خبر أن ( أو أنتم ) مرفوع، والخبر الثاني محذوف، وكان يمكن
أن يقول فاعلموا أنا بغاة وأنتم بغاة، لكنه عطف مع التقديم وحذف الخبر ، تنبيها على
أن المخاطبين أكثر اتصافا بالبغي من قومه هو ، فقدم ذكرهم قبل إتمام الخبر لئلا
يدخل قومه في البغي ــ وهم الأقل فيه ــ قبل الآخرين
ونظيره أيضا الشاهد
المشهور لضابئ بن الحارث البرجمي :
فمن يك أمسى في المدينة رحله *** فإني
وقـيار بها لغريب
وقيار هو جمله ، معطوف على اسم إن منصوب بها
أراد
ان يقول : إني بها لغريب ، وقيار كذلك غريب
ومثله أيضا قول قيس بن الخطيم:
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راضِ والرأي مختلف
وقيل فيه أيضاً: إنَّ لفظ
إنَّ ينصب المبتدأ لفظا ويبقى مرفوعا محلا، فيصح لغة أن تكون ( والصابئون ) معطوفة
على محل اسم إن سواء كان ذلك قبل مجيء الخبر أو بعده ، أو هي معطوفة على المضمر في
( هادوا ).
2 - نصب
الفاعل
س : جاء في سورة البقرة 2: 124 (وَإِذِ ابْتَلَى
إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ
إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ). وكان
يجب أن يرفع الفاعل فيقول الظالمون .
الجواب : ينال فعل متعدى بمعنى (يشمل
أو يَعُم) كما فى الآية أى لا يشمل عهدى الظالمين، فعهدى هنا فاعل، والظالمين مفعول
به.
مثال لذلك لقد ناله ظلماً، وأسفنا لما ناله من إهانة.
والإمامة
والعهد بالإمامة هنا معناه النبوة، وبذلك تكون جواباً من الله على طلب نبينا
إبراهيم أن يجعل النبوة فى ذريته فوافقه الله إلا أنه استثنى الظالمين، كما لو أنه
أراد قول (إلا الظالمين من ذريتك).
وتجىء أيضاً بمعنى حصل على مثل: نال
الظالم جزاءه.
ومن مصادر اللغة , المعجمات القديمة التي جمعها (لسان العرب)
وها هو يقول: والعرب تقول: "نالني من فلان معروف ينالني أي وصل إلي منه معروف" لسان
العرب 11/685
3- جعل الضمير العائد على
المفرد جمعاً
س : جاء في سورة البقرة 2: 17 (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ
الذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ
بِنُورِهِمْ) . وكان يجب أن يجعل الضمير العائد على المفرد مفرداً فيقول ذهب الله
بنوره .
الجواب : فهو هنا لم يشبه الجماعة بالواحد وإنما شبهت قصتهم بقصة
المستوقد. ومثال ذلك قوله: (مثل الذين حُمِّلوا التوراة ثمَّ لم يحملوها كمثل
الحمار يحمل أسفارا) [الجمعة 5]. فلما أضاءت ما حوله أضاءت أيضاً للآخرين ، فكان
عقاب الله أنها ذهبت بأبصارهم جميعاً، لاحظ أن الله يضرب المثل بقوم استوقد أحدهم
ناراً فلمَّا أضاءت ما حول فاعل هذه النار أضاءت أيضاً حول ذهب الله بأبصار هذا
القوم.
ونلاحظ أنه قال (ذهب) وهى أبلغ من أذهب لأن ذهب بالشىء اسطحبه ومضى
به معه، فكأنما أراد الله أن يذكرهم أنه يرون بنور الله وفى معيته، وحيث أنهم
اختاروا طريق الظلمة فقد أخذ الله نوره وتركهم فى ظلمات أنفسهم التى اختاروا البقاء
فيها.
4 - تذكير خبر الاسم
المؤنث
س : جاء في سورة الأعراف 7: 56 (وَلاَ تُفْسِدُوا فِي
الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ
قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِين).
وكان يجب أن يتبع خبر إن اسمها في التأنيث فيقول
قريبة .
الجواب : إن كلمة قريب على وزن فعيل، وصيغة فعيل يستوى فيها المذكر
والمؤنث.
5 - تأنيث العدد وجمع
المعدود
س : جاء في سورة الأعراف 7: 160 (وَقَطَّعْنَاهُمْ
اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً) . وكان يجب أن يذكر العدد ويأتي بمفرد
المعدود فيقول اثني عشر سبطاً .
الجواب : لأن تمييز (اثنتي عشرة) ليس هو
(أسباطا) [لأن تمييز الأعداد من 11 إلى 99 مفرد منصوب] بل هو مفهوم من قوله تعالى
(و قطعناهم)، والمعنى اثنتي عشرة قطعة أي فرقة، وهذا التركيب في الذروة العليا من
البلاغة، حيث حذف التمييز لدلالة قوله (وقطعناهم) عليه ، وذكر وصفا ملازما لفرق بني
إسرائيل وهم الأسباط بدلا من التمييز. وعند القرطبي أنه لما جاء بعد السبط (أمما)
ذهب التأنيث إلى الأمم ، وكلمة (أسباطا) بدل من (اثنتي عشرة)، وكلمة (أمما) نعت
للأسباط. وأسباط يعقوب من تناسلوا من أبنائه ، ولو جعل الأسباط تمييزه فقال: اثني
عشر سبطا، لكان الكلام ناقصا لا يصح في كتاب بليغ؟ لأن السبط يصدق على الواحد،
فيكون أسباط يعقوب اثني عشر رجلا فقط، ولهذا جمع الأسباط و قال بعدها (أمما) لأن
الأمة هي الجماعة الكثيرة، وقد كانت كل فرقة من أسباط يعقوب جماعة كبيرة. [واثنتى
هنا مفعول به ثانى ، والمفعول به الأول (هم)].
6 - جمع الضمير العائد على المثنى
س :جاء في سورة
الحج 22: 19(هذانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ). وكان يجب أن يثنّي الضمير
العائد على المثنّى فيقول خصمان اختصما في ربهما.
الجواب : الجملة في الآية
مستأنفة مسوقة لسرد قصة المتبارزين يوم بدر وهم حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث وعتبة
وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة. التقدير هؤلاء القوم صاروا في خصومتهم على
نوعين. وينضوي تحت كل نوع جماعة كبيرة من البشر. نوع موحدون يسجدون لله وقسم آخر حق
عليه العذاب كما نصت عليه الآية التي قبلها.
7 - أتى باسم الموصول العائد على الجمع مفرداً
س : جاء
في سورة التوبة 9: 69 (وَخُضْتُمْ كَالذِي خَاضُوا). وكان يجب أن يجمع الاسم
الموصول العائد على ضمير الجمع فيقول خضتم كالذين خاضوا.
الجواب : المتعلق
(الجار والمجرور) محذوف تقديره كالحديث الذى خاضوا فيه. كأنه أراد أن يقول وخضتم فى
الحديث الذى خاضوا هم فيه.
8 - جزم الفعل
المعطوف على المنصوب
س : جاء في سورة المنافقون 63: 10
(وَأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ
فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ
مِنَ الصَّالِحِينَ) وكان يجب أن ينصب الفعل المعطوف على المنصوب فأَصدق وأَكون
.
الجواب : وفي النقطة الخامسة يقال : إن الكلمة (وأكن) تقرأ بالنصب والجزم
، أما النصب فظاهر لأنها معطوفة على (فأُصدق) المنصوب لفظا في جواب (لولا)، وأما
الجزم فلأن كلمة (فأصدق ) وإن كانت منصوبة لفظا لكنها مجزومة محلا بشرط مفهوم من
قوله (لولا أخرتني)،حيث إن قوله (فأصدق) مترتب على قوله (أخرتني)، فكأنه قال: إن
أخرتني أصدق وأكن. وقد وضع العلماء قاعدة فقالوا: إن العطف على المحل المجزوم
بالشرط المفهوم مما قبله جائز عند العرب ، ولو لم تكن الفاء لكانت كلمة أصدق
مجزومة، فجاز العطف على موضع الفاء.
[فالواو هنا من باب عطف الجملة على
الجملة وليست من باب عطف الفعل على الفعل ، وهو مجزوم فى باب الطلب (الأمر) لأن
الطلب كالشرط.]
دهم ناراً فلمَّا أضاءت ما حول فاعل هذه النار أضاءت أيضاً حول
ذهب الله بأبصار هذا القوم.
9 - جعل الضمير
العائد على المفرد جمعاً
س : جاء في سورة البقرة 2: 17
(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ
ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) . وكان يجب أن يجعل الضمير العائد على المفرد مفرداً
فيقول ذهب الله بنوره .
الجواب : فهو هنا لم يشبه الجماعة بالواحد وإنما
شبهت قصتهم بقصة المستوقد. ومثال ذلك قوله: (مثل الذين حُمِّلوا التوراة ثمَّ لم
يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا) [الجمعة 5]. فلما أضاءت ما حوله أضاءت أيضاً
للآخرين ، فكان عقاب الله أنها ذهبت بأبصارهم جميعاً، لاحظ أن الله يضرب المثل بقوم
استوقد أحدهم ناراً فلمَّا أضاءت ما حول فاعل هذه النار أضاءت أيضاً حول ذهب الله
بأبصار هذا القوم.
ونلاحظ أنه قال (ذهب) وهى أبلغ من أذهب لأن ذهب بالشىء
اصطحبه ومضى به معه، فكأنما أراد الله أن يذكرهم أنه يرون بنور الله وفى معيته،
وحيث أنهم اختاروا طريق الظلمة فقد أخذ الله نوره وتركهم فى ظلمات أنفسهم التى
اختاروا البقاء فيها.
10 - نصب المعطوف على
المرفوع
س : جاء في سورة النساء 4: 162 (لَكِنِ الرَّاسِخُونَ
فِي العِلْمِ مِنْهُمْ وَالمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا
أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَالمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً
عَظِيماً). وكان يجب أن يرفع المعطوف على المرفوع فيقول والمقيمون الصلاة
.
الجواب : (والمقيمين الصلاة) أي وأمدح المقيمين الصلاة، وفي هذا مزيد
العناية بهم، فالكلمة منصوبة على المدح.
[هذه جملة اعتراضية بمعنى (وأخص
وأمدح) وهى مفعول به لفعل محذوف تقديره (وأمدح) لمنزلة الصلاة ، فهى أول ما سيحاسب
عليه المرء يوم القيامة. وفيها جمال بلاغى حيث يلفت فيها آذان السامعين لأهمية ما
قيل.
أما (والمؤتون) بعدها على الرفع فهى معطوفة على الجملة التى
قبلها.]
11- نصب المضاف
إليه
س : جاء في سورة هود 11: 10 (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ
نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي
إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ). وكان يجب أن يجرَّ المضاف إليه فيقول بعد ضراءِ
.
الجواب : يعرف دارسى اللغة العربية أن علامات جر الاسم هى (الكسرة أو
الياء أو الفتحة فى الممنوع من الصرف): فيجر الاسم بالفتحة فى المفرد وجمع التكسير
إذا كانت مجردة من ال والإضافة وتُجَر الأسماء الممنوعة من الصرف بالفتحة حتى لو
كانت مضافة ، ولا يلحق آخرها تنوين.
وتسمى الكسرة علامة الجر الأصلية،
وتسمى الياء والفتحة علامتى الجر الفرعيتين.
ويمنع من الصرف إذا كان على
وزن صيغة منتهى الجموع أى على وزن (أفاعل – أفاعيل – فعائل – مفاعل – مفاعيل –
فواعل – فعاليل) مثل: أفاضل – أناشيد – رسائل – مدارس – مفاتيح – شوارع – عصافير.
والاسم المؤنث الذى ينتهى بألف التأنيث المقصورة (نحو: سلوى و نجوى) أو
بألف التأنيث الممدودة (نحو: حمراء – صحراء – أصدقاء) سواء أكان علماً أم صفة أم
اسماً ، وسواء أدلَّ على مفرد أم دلَّ على جمع.
لذلك فتح ضرَّاءَ لأنه اسم
معتل آخره ألف تأنيث ممدودة وهى ممنوعة من الصرف.
وما يُمنع من الصرف تكون
علامة جره الفتحة عوضا عن الكسرة ما لم يضف أو يعرف بـ(أل) التعريف
.
12- أتى بجمع كثرة حيث أريد
القلة
س : جاء في سورة البقرة 2: 80(لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ
إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً).وكان يجب أن يجمعها جمع قلة حيث أنهم أراد القلة
فيقول أياماً معدودات .
الجواب : ورد فى القرآن: (إلاَّ أياماً معدودات) [آل
عمران 24] و (فى أيَّامٍ معدودات) [البقرة 203] و (فى أيامٍ معلومات) [الحج
28].
إذا كان الاسم مذكراً فالأصل فى صفة جمعه التاء: رجال مؤمنة ، كيزان
مكسورة ، ثياب مقطوعة ؛ وإن كان مؤنثاً كان الأصل فى صفة جمعه الألف والتاء: نساء
مؤمنات ، جِرارٌ مكسورات.
إلا أنه قد يوجد نادراً الجمع بالألف والتاء مع
الاسم المذكر مثل: حمَّام حمَّامات.
فالله تعالى تكلم فى سورة البقرة بما
هو الأصل وهو قوله تعالى (أياماً معدودة) وفى آل عمران بما هو الفرع.
وعلى
ذلك يجوز فى جمع التكسير لغير العاقل أن ينعت بالمفرد المؤنث أو الجمع، فنقول: جبال
شامخة وجبال شامخات ، ورود حمراء وورود حمراوات. وفى رأى آخر أنها تعنى أياماً
قليلة مثل (دراهم معدودة). ولكن الأكثر أن (معدودة) في الكثرة ، و(معدودات) في
القلة (فهي ثلاثة أيام المبيت في منى) وهي قليلة العدد.